لكي تدخل القلعة البيضاء لريال مدريد لابد أن تنتمي لعشيرة الصمت وتحفظ قوانينها عن ظهر قلب فحتى لو كنت نجما عالميا تساوي الملايين لايمكنك أن تصبح واحدا من أفراد العشيرة مالم تلغ مصطلح البوح من مفكرتك وتلتزم الصمت وتدمن الكتمان وتؤمن بأن غرفة ملابس الفريق حصن مقدس بابه خط أحمر ولايجوز مهما حدث أن تتخطاه خصوصيات الفريق الى الخارج.
لم يحدث أبدا لزيدان أو رونالدو أو فيغو أو راؤول أو بيكهام أو روبرتو كارلوس أو غيرهم من نجوم ريال مدريد أن خالفوا القوانين واخترقوا جدار الصمت وتحدثوا لوسائل الاعلام عن أسرار مايدور في غرفة الملابس , لو حدث ذلك لاعتبروا متمردين ومتهورين ومضرين بمصلحة وتاريخ النادي وباتوا جميعا في عداد المبعدين.
غرفة ريال مدريد باب مصفح ومحكم الاغلاق يتحدى بسرية ماوراءه كل الأجيال والأزمنة والتاريخ فخلف هذا الباب تكمن مغارة ( برنابييه) الضخمة الغامضة والمكتنفة بأسرار الأسطورة (أسطورة ريال مدريد) .
ما أن يوقع نجم في كشوفات ريال مدريد حتى يأخذ جرعة كافية من الممنوعات (ممنوع النقد وممنوع نقل الأسرار وممنوع الكشف عن الخلافات وممنوع الحديث عن الخصوصيات ) ويقول الفرنسي كلود مكاليلي الذي لعب عدة مواسم لريال مدريد : (للنادي تقليد عريق ممنوع الحديث عما يحدث ويدور في غرفة الملابس , لابد من حماية وصون طريقة النادي في الحياة, الحديث عن الأسرار مثل تفجير قنبلة نووية).
عندما أهمل نيكولا أنيلكا خاصة الصمت وأساء فهم القوانين ولم يحترم خصوصيات الثقافة المتوارثة للنادي احترق مستقبله سريعا مع ريال مدريد ولم يلعب معه أكثر من موسم كروي واحد وعن ذلك يقول لاعب الريال السابق ايفان هيلغيرا : (أنيلكا انطوائي وهادىء لم يكن كثير المشاكل بينه وبين اللاعبين لكنه كان ينتقد النادي ويتحدث كثيرا في الخارج وهذا سبب له الكثير من المتاعب).
قبل أنيلكا وحدها زوجة البرازيلي ديدي خاطرت بالحديث عن خصوصيات ريال مدريد وانتقدته في صحافة البرازيل فكان مصير زوجها أن طرده الفريق ولم يجدد عقده عام 1960.
عندما اخترقت حرمة وقدسية غرفة الملابس المدريدية في موسم 1992/1993 بواسطة ميكرفون مدسوس من زاوية احدى النوافذ وكان المدرب بنتو فلورو ينتقد لاعبيه بشدة وأذيعت الانتقادات علنا فأحدثت ضجة في اسبانيا وقامت الدنيا ولم تقعد في مدريد ومنذئذ قرر نادي ريال مدريد أن يقفل هذه الغرفة الى الأبد ويستبلها بغرفة أخرى واتخذ كافة الاجراءات الاحترازية لكي لاتتكرر عملية التجسس والاختراق , لهذا كان يحرص المدرب فيسنتي دل بوسكي على سرية حديثه مع لاعبيه فهو لايكلمهم بين جدران غرفة الملابس ولكن يجمعهم قبل كل حصة تدريبية في الدائرة الوسطى للملعب ويكلمهم.
اضافة للصمت هناك قاعدة أساسية أخرى في القانون الداخلي للنادي تتعلق باللغة فممنوع على اللاعبين التحدث بلغة أخرى غير الاسبانية ومن كان أجنبيا فليتعلمها.
القاعدة الأساسية الثالثة في قانون ريال مدريد الداخلي أن اللاعبين مهما كانت طلباتهم ومشاكلهم لايمكنهم التحدث مباشرة الى رئيس النادي فحاليا يقوم راؤول بدور الوسيط وكان قد سبقه فيرناندو هييرو قبل استبعاده حيث كانا ينقلان آراء وطلبات ومشاكل اللاعبين الى الادارة ورئيسها وبواسطتهما يتلقى اللاعبون أيضا الرد.
بالتأكيد خلف الأبواب المغلقة لريال مدريد تحدث أشياء كثيرة لكن من يتجرأ على الحديث؟